إنحراف الأبناء.. العزلة.. تفكك العلاقات.. نتائج مؤكدة
بعد انتهاء موسم الامتحانات وبدء موسم الإجازات للصغار والكبار نقدم صيحة تحذير من ظاهرة باتت تخدر الأسر المصرية وهي إدمان الإنترنت الذي يمكنه أن يدمر علاقة زوجية ناجحة نتيجة انشغال طرف عن الآخر أو يؤدي لعزلة الأبناء الذين سيتفرغون تماما للإنترنت بعد انتهاء حجة المذاكرة.
وساعد في زيادة هذه الظاهرة مقاهي الإنترنت التي توجد في كل مكان بلا رقيب وتقدم الخدمة بأسعار لا تتعدي جنيها واحدا للساعة مع خصم لمن يجلس أكثر ويتم فيها عرض كل شيء مباح من ألعاب ودردشة وغيرها من الأشياء غير المباحة كالمواد الجنسية.
هذا التحذير نسوقه خاصة ان حالة الفراغ التي تصاحب الصغار والشباب خلال الإجازة ورغبة الأهل في أن يتخلصوا من "الصداع والدوشة" الخاصة بأين سيقضون الإجازة وبالتالي يظنون أن جلوس الأبناء علي الإنترنت كله فوائد رغم الأضرار الكثيرة خاصة أن هذه الشبكة الافتراضية أصبحت تشكل كارثة في الغرب وتهدد العلاقات الزوجية بل حدثت حالات وفاة نتيجة هذا الإدمان منها شاب صيني مات بعد أن ظل لأيام عديدة يمارس ألعاب الكمبيوتر علي الإنترنت.. وفي أمريكا جاءت أحدث دراسة لتؤكد أن 90% من أفراد العينة وعددهم ألف شخص يفضلون الجلوس أمام الحاسب الآلي بدلا من الزوج والزوجة.
وتتوالي الدراسات منها دراسة تؤكد أن 58% من طلاب المدارس مستخدمي الإنترنت اعترفوا بانخفاض درجاتهم رغم ان الإنترنت وسيله بحث اجتماعية ودراسة أخري تؤكد أن واحدا من 8 أمريكيين يعاني من إدمان الإنترنت حتي انه نظرا لخطورة إدمان الإنترنت والتي تتجسد في مخاطر تصيب الأيدي والعينين والعمود الفقري والاذنين والبدانة ومشاكل نفسية منها اختلاط الواقع بالوهم وخلق علاقات غير موجودة بالعالم الواقعي وأيضا مشاكل في العمل باضاعة الوقت في الجلوس علي الإنترنت لساعات طويلة حيث تم افتتاح عيادات في أوروبا لعلاج هذه الظاهرة تتبع طرق علاج نفسية واجتماعية ووصلت في الصين لحد العلاج بالصدمات الكهربائية خاصة أن هناك 2.6 مليون مدمن للإنترنت.
الغريب أن العلماء صنفوا إدمان الإنترنت لأنواع عديدة منها الإدمان الجنسي والعاطفي وإدمان الدردشة وإدمان الألعاب وإدمان القمار وإدمان المعرفة بشكل مرضي وهي كلها مشاكل لابد من البحث لها عن حل.
من جانبهم أكد خبراء الاتصال والنفس والاجتماع ان إدمان الإنترنت بدأ بالفعل يهدد المجتمع المصري مشيرين إلي أن من أهم أسبابه عدم الوعي باستخدامات التكنولوجيا لأن معظم المدمنين يستخدمونه إما في الشات أو الألعاب أو الدخول للمواقع الإباحية حذروا من الإسراف في استخدام هذه الوسيلة وطالبوا بضرورة التوعية بأن للإنترنت أضرار وفوائد مع ضرورة الوقاية من هذا الإدمان بغرس القيم الدينية والاجتماعية.
في البداية يؤكد د. هشام نبيه المهدي "استشاري نظم الحاسبات بجامعة القاهرة" ان إدمان الإنترنت أصبح للأسف حقيقة واقعة وكابوسا يهدد العديد من الأسر حيث خلق أمراض اجتماعية وبدأت الأسر كلها تنعزل عن بعضها وبدلا من الجلوس الأسري للنقاش أصبح كل واحد يختلي بنفسه مع الإنترنت الذي يمكن أن يكون بمثابة الجنة المليئة بالمعلومات المعرفية أو النار المليئة بالإباحيات والتفاهات وكل ذلك بضغطه زر.
يضيف أن مكمن الخطورة انه لا يمكن تعيين رقيب علي كل فرد لمعرفة ماذا يشاهد علي الإنترنت وحذر الأسر من جعل الكمبيوتر في غرفة منفصلة بل يجب أن يكون في مكان ظاهر حتي يمكن للجميع مشاهدة المحتوي.. كما حذر في الوقت نفسه من مقاهي الإنترنت التي أدمنها الصغار ويجلسون فيها بالساعات أمام الألعاب والمواقع الإباحية وللأسف فلا رقابة والدليل أن مقاهي الإنترنت أصبحت كثيرة للغاية وأصبح بين كل سايبر وآخر ولا بد من تنظيمها كالصيدليات مشيرا إلي ضرورة الوعي باستخدام الإنترنت وحكي عن واقعة حدثت لأحد الدارسين بالدراسات العليا وفجأة بدأ والده يشكو من زيادة الفاتورة وبمواجهة الطالب أكد أنه يطلع علي الإنترنت للعلم ثم فجأة رسب بعد أن كان متفوقا وأصبح غير مواظب علي الصلاة بعد أن كان منتظما وذلك بسبب إدمان الإنترنت.
طالب د. هشام بتنظيم وترشيد استخدام الإنترنت موضحا أن الترشيد ليس معناه المنع ولكن لابد من التنظيم والتمسك بالعلاقات الاجتماعية مشيرا إلي ضرورة الوعي جيدا ضد مخططات الغرب والغزو الثقافي من خلال إدمان الإنترنت والدليل انه بعد أن كان الإنترنت ممنوعا أصبحت الشكوي من إدمان الشباب للإنترنت كما انه مع أول مقهي عراقي للإنترنت افتتحه المحتلون تكلف 33 ألف دولار بدأ العراقيون وسط الحروب يحتفلون بعيد الحب والهالومين.
بينما يؤكد د. إسماعيل يوسف رئيس قسم الصحة النفسية بجامعة قناة السويس ان خطورة إدمان الإنترنت تتمثل في أن الإنسان يدمن علاقة افتراضية ويحول الإنسان علاقاته الحميمية من بشر من دم ولحم لعلاقة افتراضية مع الحاسب الآلي مشيرا إلي أن لهذا الأمر مشاكل اجتماعية كثيرة أهمها الانعزال بين البشر كما أن له مشاكل صحية مؤكدا أنه في أوروبا بدأوا يلتفتون لهذه المشاكل ويحاربونها.
نفس الكلام يوضحه د. أحمد المجدوب "استاذ الاجتماع" ويشير إلي أن أفضل وسيلة لعلاج هذا الأمر هو الوقاية وتوجيه الشباب لممارسة الرياضة وايضا توجيههم لممارسة الحياة الاجتماعية بشكل عام وطبيعي مع عدم المنع من الجلوس علي الإنترنت والاطلاع عليه ولكن في إطار المعقول.
المصدر : جريدة المساء
الإثنين يونيو 11, 2007 11:45 am
